بقلم : عصام خليل
” الفرح .. البهجة .. السرور .. مُسمَّيات يبحث كل البشر عنها. وهي احتياج حقيقي لكل واحد؛ فالكدَر والحزن يعوقان الحياة، والأمثلة على ذلك كثيرة.
لكن المشكلة الكبرى هي: أين يبحث الإنسان عن السعادة والفرح؟ إننا منذ البدايات نرى قايين، المطرود من محضر الله، يبني لنفسه مدينة ليوجِد لنفسِهِ فيها سُبلاً للرفاهية، ثم نرى من نسله مَن ينشغل بالتجارة والصناعة والشِعر والغناء (تكوين4). وعلى نَسقهم انشغل الناس جميعهم؛ فلاسفة وجهلاء، عظماء وأدنياء، في البحث عن السعادة بشتى الطرق، ونادرًا ما وجدوا ما ظنوه فرحًا، وسرعان ما زال. وانتهى الأمر إلى طريق مسدود.
والرسول بولس، في رسالة فيلبي، يرسل لنا وصفة الفرح الحقيقي، إذ يكرِّر القول: «افرحوا في الرب» ( فيلبي 3: 1 )، ويؤكِّد على أن هذا الفرح مُستديم بقوله: «افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا» ( فيلبي 4: 4 ).
فالله يريد الفرح للإنسان، ويكفي لندرك ذلك، أن نتذكَّر أنه عندما خلقه، أوجده في جنّة غَنَّاء، بعد إكمال كل الأرض لتكون في تمام الاستعداد لاستقباله، وسلَّطَهُ على الأرض. والأهم أنه أراده في شركة معه يُسِّر قلبه، حقَّ السرور، من خلالها.
لكن مشكلة الإنسان أنه ما زال يبحث عن الفرح بالاستقلال عن الله، مصدره.
قال القديس أغسطينوس: “يا الله لقد خلقتنا لذاتك، ونفوسنا لن تجد راحتها إلا فيك”. فأرواحنا المخلوقة على صورة الله لا يمكن أن تجد فرحها في البُعد عنه.
إننا في رسالة فيلبي نسمع كلمات رسولٍ في سجن وقيود بسبب خدمته، يكتب لمؤمنين في ظروف صعبة من فقر وضيق واضطهاد، لكن رسالته تمتلئ بالفرح والبهجة والسرور! فما السر؟! لقد تعلَّم أن يكون المسيح كل شيء بالنسبة له، وفيه وجد سعادته التي لا توقفها الظروف مهما كانت. “