بقلم : مارسيل رجاء

دار حديثي وانا بعد صغيرة مع سيدة في عمر والدتي عندما قالت أن دورها في الحياة يكمن في استثمارها في حياة أولادها ليحققوا هم أهداف قيّمة ..

رغم أن هذا الرأي محترم فالكثير من الآباء والأمهات لا يهتمون هكذا بالاستثمار في حياة أولادهم ..

الا اني سألت

وماذا لو رأي هؤلاء الأولاد أن غرضهم في الحياة هو أن يربوا أولادهم ويستثمروا فيهم أيضا لعلهم يغيرون شيئا في العالم ويفعلون شيئا له قيمة ..

ثم دارت الدائرة مرات ومرات ورأي الجميع بنفس الكيفية التي يري بها الوالدين .. فمّن سيصنع الفرق اذن ومّن سيقوم بتغيير !! ومن هذا الحديث – أو قبله لا أتذكر – قررت اني أريد أن أكون من ضمن الذين يصنعون التغيير ،ولا انتظر الآخرين الذين يصنعون التغيير، ورفضت بكل ما فيا تلك الحياة التقليدية التي كل غرضها هو الزواج ..

لأني فكرت وماذا بعد ؟ ماذا بعد الشهادات ثم بعض العمل ثم الزواج ثم الأبناء ثم زواج الأبناء ورؤية الأحفاد ثم الموت !!

ما المنفعة من كل ذلك وأنا أري الكثير جدا من الناس فعلوا كل ذلك ومع ذلك غير مسرورين أو شبعي من الحياة ! فلماذا أكرر ما يفعله الجميع اذا كانوا لم يصلوا للشبع في الحياة …

ثم رأيت أشخاص قليلين تمنيت ان تكون حياتي مثلهم ، بعضهم متزوجون وبعضهم لا ، لكنهم سعداء ..

إذ لم يروا الزواج هو غرض الحياة لكن الغرض هو العطاء و مساعدة الآخرين وإعطائهم بعض الأمل والنور لحياتهم وان يروا الحياة الأفضل التي خطط لها الله في المسيح ، وتغيير جزء من هذا العالم الشرس غير العادل ..

و رأوا الزواج وسيلة جيده و دعم جيد إذ يتشارك اثنين في هذا العمل القّيم ويُقيِم أحدهما الآخر اذا سقط ويُشجعان ويدعمان بعضهما البعض و يرشد أحدهما الآخر ويقّوِمه اذا أخطأ ويشجعه اذا أصاب ، ومعظم زيجاتهم ناجحة إذا كان الطرفين لهم نفس القلب والاتجاه والهدف في الحياة إذ لا ينشغلوا كثيرا بخلافات الزواج الطبيعية إذ هم عندهم شئ قيّم يفعلوه ولا يلتفتون الي صغائر الأشياء وحتي كبائرها أظنهم يستطيعون تخطيها سريعا…

فمثلا ..إذا أعطاهم الله أطفالا حمدوه وإذا لم يعطهم فانهم يحملون الكثير من الأطفال الذين يخدمون وسطهم و يمتلكون الكثير من الأبناء الروحيين والذين يتعلقون بهم نفسيا إذ يكونون تعويض عن آباء وأمهات ماتوا أو أحياء ولكنهم أموات بالنسبه لهم ..

فأدركت ان ما يدور بداخلي صحيح ، ان الزواج ليس الكفاية والشبع وانه مجرد وسيلة ولكن الكثير جدا من الناس وضعته مكان الغرض فتحولت الوسيلة الي غرض ، فعندما وصلوا إليه لم يجدوا ما تمنوا ان يجدوه ، ففشلت الزيجات إذ استمروا عند ظنهم ان الزواج هو الحل ولكنهم هم مّن أساوا اختيار الطرف الآخر فيظنون ان المشكلة في الطرف الآخر وليس في نظرتهم للزواج ..

ولأن الجميع – وخاصة البنات في مجتماعاتنا الشرقية – يبحث عن المحبة فيركزون علي الزواج بصفة خاصة .. وذلك لأن الرجال يبحثون أيضا عن الإنجاز وتحقيق الذات فيجدونه في العمل فينسوا أمر الزواج بعض الشئ الي ان يحتاجوا بشدة الي المحبة ..

ولذلك نجد النساء العاملات يتأخر عندهن سن الزواج إذ هن أيضا يفرحون بالانجاز في العمل ويجنبوا أمر الاحتياج الي المحبة قليلا ..

يوسف وصل الي اعلي المناصب في الدولة وصنع فارق وتغيير عظيم وهو متزوج وكذلك دانيال بدون زواج ..

فتن بطرس المسكونة مع باقي التلاميذ وهو متزوج وكذلك بولس وهو غير متزوج .. الأمر لا علاقة له بالزواج ..

تستطيع ان تعيش حياة مشبعة ومثمرة بالزواج او بدونه.. وتستطيع أن تعيش حياة فارغة وتافهة بالزواج او بدونه ..